بقلم/ عبدالله المخلافي
الغربة بين محنة ومنحة
عندما كنت في الابتدائيه كنت أسمع قصص بعض الناجحين وكانت تردد على أفواه الرواة كلمة "هذا الشخص درس في الخارج" عندها كنت أستبعد تماماً الدراسة في الخارج وكنت أظن أنها فقط لأناس محددين وأنه من المستحيل أن أحصل على فرصة كهذه
حتى خٍطتي المستقبلية آنذاك كانت محدودة جدا فلم أطلق العنان لخيالي حتى إلى خارج حيّنا، فمثلاً كتبت أني سأدرس الإعدادية في مدرسة الخوارزمي التي هي قريبة من دارنا والثانوية في مدرسة عمر المختار _كانت المدرسة الأقرب إلي حينذاك _ حتى أن مخيلتي لم تكن تفكر بدراسة الجامعة أو أني لم أكن حينها قد أستوعبت ماهي الجامعة أصلاً، عندما كبرت قليلاً ووصلت إلى الصف الثامن بدأت تراودني أحلام المستقبل من ضمنها الدراسة في الخارج ولكني كنت حينها في واقع جعلني أستبعد حتى التفكير بهذا الأمر
ولكن الأقدار قد كتبت على أن يدرس هذا الولد الصغير في سن ليس في الحسبان في خارج اليمن حيث حفظي للقرآن الكريم من ضمن الأسباب التي فتحت لي هذه النافذة الواسعة للتعرف على أُناس لم أكن أتوقع وجودهم في حياتي
تعرفت على أناس كثر من دول مختلفة وفهمت معنى الاختلاف ومعنى وجود أناس آخرون على هذه الأرض
أستوعبت أشياء كثيرة لم أكن لاستوعبها لو لم أخرج من دائرتي
خروجي من محيطي الجغرافي كان هو مفتاح لخروجي من محيطي فكرياً، بدأت أستوعب الأفكار الغريبة وأتقبل نسبة وجود صحة لها
خمس سنوات من الغربة
لربما كانت مريرة نوعاً ما كوني تغربت في وقت مبكر ولكنها كانت مليئة بالدروس التي لا تدرس في أقوى جامعات العالم،
تعلمت أن أعتمد على نفسي فقط وأن أتقبل الآخرين رغم إختلافي معهم لاني كنت في بيئة فيها أكثر من 400 طالب من أكثر من 50 دولة لكل منهم عاداته وطريقة تفكيره تجمعني علاقة صداقة مع الأغلب، صداقة قوية، كيف لا وهي صداقة قاعدتها طفولة وغربة وحب وحنين.
لم ولن أندم يوماً لأني خضت مثل هذه التجربة التي كانت سبباً في تغيير حياتي تماماً وسأعمل جاهداً على أن أجعل من كل محنة في غربتي منحة ومنطلق إلى ما أسمو إليه مؤمناً بأن مع العسر يسرا وأن أكثر الناس سعادة بقدوم النهار هم أولئك الذين كان الليل عليهم غمّة، مستلهماً من الأشجار التي تتمخض في الخريف للتتزين بلباسها الفاتن في الربيع.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء